من أبدع ما قرأت للكاتب الألبانى العالمى إسماعيل قدرى رواية صغيرة، عالية التكثيف، اسمها: «من أعاد دورانتين»، وتحكى عن دورانتين الشابة الجميلة، التى كانت مُختطَفة بزواج قهرى تعيس فى مكان ناءٍ عن أهلها، وظهر لها كأنما من الغيب أو الضباب فارس مُقَنَّع يمتطى فرسا فتية، أركبها وراءه دون أن ينبس بحرف، لم تسمع صوته طوال رحلة طويلة عبر الغابات والتلال والجبال، ولم يلتفت إليها ولو مرة، حتى أوصلها سالمة إلى بيت أهلها، وهناك نزلت وهى تذوب شوقا لرؤية وجه مُنقذها أو سماع صوته، لكنه مضى واختفى بفرسه فى الأفق المضبب كأنه عاد إلى الضباب مثلما جاء من الضباب.
أتذكر هذه الرواية الساحرة المؤثرة الآن، وأنا أرى مصر وقد أنقذها من اختطاف عصابة اللصوص والقهر والغطرسة فارس مدهش فى ثمانية عشر يوما فقط، ثمانية عشر يوما من روح الاستشهاد والكبرياء والصبر ونبالة الاختيار لفارس مكون من قوى عديدة تمثل أفضل ما فى شعبنا بكل أطيافه الاجتماعية والسياسية والاقتصادية إضافة للجيش المصرى الذى اختار الولاء للحق عند الأمة لا الميل إلى الإغراء عند الباطل، فلم يكن مجرد حامٍ للثورة بل مشارك أصيل فى صنعها ومكوِّن أساس فى ائتلاف قواها العديدة التى تشكل صورة عملاقة لفارس منقذ؟ فأين وصل فارسنا بالمخطوفة المُحرَّرة؟
أخشى أن يبدو المشهد ههنا كما لو كان مختلفا عما جرت به أحداث رواية «من أعاد دورانتين»، فالفارس الذى أنقذ الجميلة من وكر مختطفيها، كأنما بدأ يتململ من طول أو مشقة الطريق أو كآبة المنظر! ويود لو يتحرر بأقصى سرعة من مسئولية ما يحتمله وتراوده فكرة أنه أدى ما عليه وكفاية، فلتنزل الفتاة عن حصانه وتمضى وحدها إلى بيت أهلها! فهل كان إسماعيل قدرى فى روايته الساحرة ليحتفظ للفارس بعزة فروسيته وبهاء مأثرته لو أنه ذهب به إلى هذا القنوط؟ أم أنه كان سيجلل فارس روايته بالعار لأنه أتى بأسوأ مما لو كان لم يتقدم لإنقاذ الفتاة أصلا، لأنه بتركها على قارعة الطريق إنما يُعرِّضها لافتراس ذئاب الليل ووحوش النهار؟!
إن ما أنجزته قوى الثورة كبير وعظيم حقا وجدير بالبناء عليه بناء جديدا سليما، فسقوط حكم عصابة اللصوص ذوى الياقات البيض والبدلات المخططة بحروف أساميهم والتى يعادل ثمن الواحدة منها مرتب طبيب شاب لمدة خمسة عشر عاما كاملة!.. هذا السقوط فى حده الأدنى هو إنقاذ لمصر من خراب كان سيغدو مُحقَّقا مع استمرار تكريس حكم هذه العصابة أو توريثها للفسل الأفسد من أبيه والأكثر رعونة واندفاعا فى الإجرام هو وقطيع الحرامية المنافقين من حوله، والذين كانوا لايقلون عنه غطرسة وتصنُّعا وكذبا ونهما للسرقة.
لقد تراجع السلب والنهب ولو إلى حين، وهذه ثروة مضافة للأمة. ثم إن توقف إذلال الناس بالسجون والترويع فى الأقسام وقباء أمن العصابة التى كانت حاكمة وانقطاع قرف مواكب المستوزرين والمتنفذين التى كانت تخنقنا فى زحمة الشوارع المتوقفة، وكف أيادى السُرَّاق عن بذخ مهرجانات ومواكب وكرنفالات الزيف وحملات الدعاية الكذوب للحكم الفاسد وحزبه المحروق، وإيقاف العبث بالتشريع وحل مجالس التزوير والتفصيل والتزمير، وقطع نزيف إعالة 400 ألف بلطجى كان النظام الساقط يوظفهم فى شبه تنظيم سرى لحملات انتخاباته المزورة وفض اعتصامات واحتجاجات الوطنيين بالعنف والترويع. كل هذه الرزايا بإزاحتها إنما تشكل دخلا كان منهوبا من خزائن الأمة ناهيك عما كان مُهدَرا وعاد للناس من الكرامة وحمية الروح واللطف المصرى الذى طال افتقاده.
إن ائتلاف قوى الثورة بمفهوم الفارس المُنقذ الهائل الشامل لكل أطياف الأمة والذى صنع ملحمة يناير، قد أنقذ الكثير مما تبقى من خير فى هذه الأمة، وأعاد استكشاف مادة حضارية كامنة فى المصريين صالحة لتفعيل بناء جديد راسخ وترميم ما تهدم فى أزمنة اللصوصية والفوضى، فلسنا نبدأ من الحضيض كما يتوهم أو يروِّج البعض. وعلى هذا الفارس الشامل الهائل أن يشرع بتآزر كل قواه فى الإعداد للخطوات القادمة حتى تعود الجميلة إلى بيت أهلها سالمة آمنة. فماذا على الفارس أن يفعل؟
أتصور أن يكون هناك شروع فورى فى إعداد قوائم ائتلاف وطنى زاخرة بالخبرات والضمير ليتكون منها برلمان نزيه جديد يحدد شكل الدستور القادم ويتجه لتشريع حكم الجمهورية البرلمانية فى دولة مدنية حديثة تستند إلى قيم الأمة الروحية والثقافية الجامعة، والعمل على أساس إجراء الانتخابات بالرقم القومى وبالقوائم النسبية التى لا تحرم أى شريحة وطنية من حقها فى التمثيل النيابى ولا تسمح بشراذم المحتالين من أفَّاقى الأمس وسُفليى اليوم ومخابيل ومرتزقة التطرف بإجهاض الحلم الطيب الذى نراه أمام أعيننا قابلا للتحول إلى واقع جديد يليق بهذه الأمة التى طال صبرها ولم ينقطع كفاحها فصارت جديرة بالأفضل.
إن الحق بيِّن، والعدل بيِّن، والخير فى الحرية كذلك بيِّن، فلنبحث عن المشترك بين قوى الحق والعدل والحرية، قوى فارس الإنقاذ الهائل الشامل الذى يطلب الحق قبل القوة فتسعى إليه القوة، برغم كل هذا الغبار الذى تثيره دابة الأرض التى خرجت علينا مؤخرا من شقوقها لتعربد بالفرقة والافتئات الذى هو قرين كل تطرف ولن تخلو دعاواه من فساد ولا فتاواه من تشوُّه كما فى إجرام موقعة قطع الآذان وموقعة الكذب على الله قبل الناس فى «غزوة الصناديق»!
الفارس الهائل الشامل المصرى النبيل المتشكل من أطياف حية فى أمة تنشد الحياة، عليه أن يكمل إيصال الجميلة التى أنقذها من الخطف حتى مأمنها بين أهلها الطيبين، وخطوته الأولى فى ذلك هى تطهير واجب وغير قابل للتردد من أدران الأمس غير الخافية على كل ذى بصر وبصيرة وفى كل مواقع التأثير دون انتقام ولا ضغينة. مع سعى مثابر لاستعادة الأمن الذى نلمس خطوات طيبة فى اتجاهه وإن تكن بادئة، مع السير الصبور على درب النهوض والتطلع إلى أفق النهضة، اعتمادا على قوانا الوطنية وبمساعدة الشرفاء فى عالمنا العربى والعالم الواسع.
الشرفاء فقط وليس هؤلاء الذين تتنامى إلينا أنباء ضغوطهم وتهديداتهم الاقتصادية لمصر الثورة لمنع محاسبة رموز الفساد والإفساد فى النظام الساقط، لا وفاء إنسانيا لمبارك وعائلته وحاشيته، ولكن لخشيتهم من تقديم مصر لنموذج ناصع يُحتذَى ويؤلب شعوبهم على مفاسدهم هم. وهذه مسألة توجب علينا التفهُّم لبعض ما يواجهه شرفاء المجلس العسكرى والدكتور شرف وينبغى أن يكون ضمن حساباتنا جميعا دون تخلٍ عن بلوغ العدل واسترداد الحقوق والسعى للنهوض.
هل نستطيع؟ نعم نستطيع، شرط أن نبدأ فورا فى وضع أولويات الحق قبل القوة، والوطن قبل الحزب أو الجماعة أو الأيديولوجيا، فهذه كانت روح الثورة بين حشود التحرير، وكل ميادين وشوارع وبيوت الثورة المصرية، ولا ينبغى أن نُفلِت هذه الروح، حتى تعود الجميلة المُحرَّرة إلى بيت أهلها الذين طال افتقادهم لها وفزعهم عليها وافتقادها لهم وشوقها إليهم، كما دورانتين الجميلة فى رواية اسماعيل قدرى.
التفاتات:
● بينما يتصاعد رفض العالم المتقدم لمخاطر المحطات النووية فى أعقاب كارثة فوكوشيما التى يعجز أعتى العلماء عن التنبؤ بتفاقماتها حتى الآن، وبينما يراجع العلماء الدوليون ذوو النزاهة قناعاتهم فى موثوقية أمان هذه المفاعلات، يُصرُّ بعض من فى نفوسهم غرض لدينا على الترويج للكابوس النووى المصرى وتوريط وزارة الدكتور شرف والمجلس العسكرى فى اعتماد مُناقصاته، ويتبجح بعضهم بالقول أن مصر ليست عُرضة لزلازل أو تسونامى كما اليابان، وهى غطرسة علمية يكذبها التاريخ الذى ينبئنا بأن الساحل الشمالى ضربه زلزال مدمر لا تزال آثار الإسكندرية الغارقة دالة عليه، كما أن هناك توقعات علمية باحتمال حدوث تسونامى فى البحر المتوسط فى السنتين القادمتين، ناهيك عن ارتفاع مستوى مياه البحر الذى بات مؤكدا حدوثه مع تقلص مساحة الجليد عند القطب. أما الأكثر هبوطا فى حملة التبجُّح هذه فهو مداخلة أحد العاملين فى مجال العلوم النظرية الذى سوَّق وروج لنفسه بأنه مرشح لجائزة نوبل ولما لم تفلح هذه الترويجة أعلن تبنيه لمشروع النانو تكنولوجى المصرى وهو ليس من اختصاصييه، وأخيرا ظهر على إحدى الشاشات مُقدَّما بلقب مختص فى العلوم الذرية ليقول كلاما عجيبا غريبا حتى إن المذيع أنهى مداخلته لشذوذ مزاعمها فقد تنافخ بأن اليابانيين ارتكبوا أخطاء نووية لا يرتكبها «تلامذته» فى مصر والسعودية! وأن معارضى المحطات النووية هم «لوبى» للطاقات البديلة! هذا العالِم المرشح النوبلى النانوى النووى الذى لم يكن صادقا فى كل ذلك كان صاحب وصية مخجلة تبتَّل فيها للرئيس السابق ورجاه أن يعيد ترشيح نفسه للرئاسة وإن لم يكن فليأت بولده جمال الذى تعهد النوبلى بالوقوف وراءه! ولم يكتف بذلك بل أدان معارضى نظام مبارك حينها بعدوانية وأكاذيب فجة فى فضيحة منشورة فى أهرام أسامة سرايا وعبدالمنعم سعيد مطلع العام الماضى!
● الدكتور يحيى الجمل رجل كبير مرح عندما يتنامى إلينا أن ملف تغيير القيادات الصحفية فى نظام الحكم الساقط بين يديه دون ان يتخذ فيه موقفا حاسما يصير مرحه مثيرا للاكتئاب والرفض.
● جثوم عميد كلية الإعلام على صدر هذه الكلية وهو مكروه ومرفوض لماضيه وحاضره وعدم اللياقة فى أن يقود الإعلام رجل إعلان! إنها أعجوبة ولغز وتأجيج لغضب مشروع لا أظن هذا الشخص يساوى عواقبه.
أتذكر هذه الرواية الساحرة المؤثرة الآن، وأنا أرى مصر وقد أنقذها من اختطاف عصابة اللصوص والقهر والغطرسة فارس مدهش فى ثمانية عشر يوما فقط، ثمانية عشر يوما من روح الاستشهاد والكبرياء والصبر ونبالة الاختيار لفارس مكون من قوى عديدة تمثل أفضل ما فى شعبنا بكل أطيافه الاجتماعية والسياسية والاقتصادية إضافة للجيش المصرى الذى اختار الولاء للحق عند الأمة لا الميل إلى الإغراء عند الباطل، فلم يكن مجرد حامٍ للثورة بل مشارك أصيل فى صنعها ومكوِّن أساس فى ائتلاف قواها العديدة التى تشكل صورة عملاقة لفارس منقذ؟ فأين وصل فارسنا بالمخطوفة المُحرَّرة؟
أخشى أن يبدو المشهد ههنا كما لو كان مختلفا عما جرت به أحداث رواية «من أعاد دورانتين»، فالفارس الذى أنقذ الجميلة من وكر مختطفيها، كأنما بدأ يتململ من طول أو مشقة الطريق أو كآبة المنظر! ويود لو يتحرر بأقصى سرعة من مسئولية ما يحتمله وتراوده فكرة أنه أدى ما عليه وكفاية، فلتنزل الفتاة عن حصانه وتمضى وحدها إلى بيت أهلها! فهل كان إسماعيل قدرى فى روايته الساحرة ليحتفظ للفارس بعزة فروسيته وبهاء مأثرته لو أنه ذهب به إلى هذا القنوط؟ أم أنه كان سيجلل فارس روايته بالعار لأنه أتى بأسوأ مما لو كان لم يتقدم لإنقاذ الفتاة أصلا، لأنه بتركها على قارعة الطريق إنما يُعرِّضها لافتراس ذئاب الليل ووحوش النهار؟!
إن ما أنجزته قوى الثورة كبير وعظيم حقا وجدير بالبناء عليه بناء جديدا سليما، فسقوط حكم عصابة اللصوص ذوى الياقات البيض والبدلات المخططة بحروف أساميهم والتى يعادل ثمن الواحدة منها مرتب طبيب شاب لمدة خمسة عشر عاما كاملة!.. هذا السقوط فى حده الأدنى هو إنقاذ لمصر من خراب كان سيغدو مُحقَّقا مع استمرار تكريس حكم هذه العصابة أو توريثها للفسل الأفسد من أبيه والأكثر رعونة واندفاعا فى الإجرام هو وقطيع الحرامية المنافقين من حوله، والذين كانوا لايقلون عنه غطرسة وتصنُّعا وكذبا ونهما للسرقة.
لقد تراجع السلب والنهب ولو إلى حين، وهذه ثروة مضافة للأمة. ثم إن توقف إذلال الناس بالسجون والترويع فى الأقسام وقباء أمن العصابة التى كانت حاكمة وانقطاع قرف مواكب المستوزرين والمتنفذين التى كانت تخنقنا فى زحمة الشوارع المتوقفة، وكف أيادى السُرَّاق عن بذخ مهرجانات ومواكب وكرنفالات الزيف وحملات الدعاية الكذوب للحكم الفاسد وحزبه المحروق، وإيقاف العبث بالتشريع وحل مجالس التزوير والتفصيل والتزمير، وقطع نزيف إعالة 400 ألف بلطجى كان النظام الساقط يوظفهم فى شبه تنظيم سرى لحملات انتخاباته المزورة وفض اعتصامات واحتجاجات الوطنيين بالعنف والترويع. كل هذه الرزايا بإزاحتها إنما تشكل دخلا كان منهوبا من خزائن الأمة ناهيك عما كان مُهدَرا وعاد للناس من الكرامة وحمية الروح واللطف المصرى الذى طال افتقاده.
إن ائتلاف قوى الثورة بمفهوم الفارس المُنقذ الهائل الشامل لكل أطياف الأمة والذى صنع ملحمة يناير، قد أنقذ الكثير مما تبقى من خير فى هذه الأمة، وأعاد استكشاف مادة حضارية كامنة فى المصريين صالحة لتفعيل بناء جديد راسخ وترميم ما تهدم فى أزمنة اللصوصية والفوضى، فلسنا نبدأ من الحضيض كما يتوهم أو يروِّج البعض. وعلى هذا الفارس الشامل الهائل أن يشرع بتآزر كل قواه فى الإعداد للخطوات القادمة حتى تعود الجميلة إلى بيت أهلها سالمة آمنة. فماذا على الفارس أن يفعل؟
أتصور أن يكون هناك شروع فورى فى إعداد قوائم ائتلاف وطنى زاخرة بالخبرات والضمير ليتكون منها برلمان نزيه جديد يحدد شكل الدستور القادم ويتجه لتشريع حكم الجمهورية البرلمانية فى دولة مدنية حديثة تستند إلى قيم الأمة الروحية والثقافية الجامعة، والعمل على أساس إجراء الانتخابات بالرقم القومى وبالقوائم النسبية التى لا تحرم أى شريحة وطنية من حقها فى التمثيل النيابى ولا تسمح بشراذم المحتالين من أفَّاقى الأمس وسُفليى اليوم ومخابيل ومرتزقة التطرف بإجهاض الحلم الطيب الذى نراه أمام أعيننا قابلا للتحول إلى واقع جديد يليق بهذه الأمة التى طال صبرها ولم ينقطع كفاحها فصارت جديرة بالأفضل.
إن الحق بيِّن، والعدل بيِّن، والخير فى الحرية كذلك بيِّن، فلنبحث عن المشترك بين قوى الحق والعدل والحرية، قوى فارس الإنقاذ الهائل الشامل الذى يطلب الحق قبل القوة فتسعى إليه القوة، برغم كل هذا الغبار الذى تثيره دابة الأرض التى خرجت علينا مؤخرا من شقوقها لتعربد بالفرقة والافتئات الذى هو قرين كل تطرف ولن تخلو دعاواه من فساد ولا فتاواه من تشوُّه كما فى إجرام موقعة قطع الآذان وموقعة الكذب على الله قبل الناس فى «غزوة الصناديق»!
الفارس الهائل الشامل المصرى النبيل المتشكل من أطياف حية فى أمة تنشد الحياة، عليه أن يكمل إيصال الجميلة التى أنقذها من الخطف حتى مأمنها بين أهلها الطيبين، وخطوته الأولى فى ذلك هى تطهير واجب وغير قابل للتردد من أدران الأمس غير الخافية على كل ذى بصر وبصيرة وفى كل مواقع التأثير دون انتقام ولا ضغينة. مع سعى مثابر لاستعادة الأمن الذى نلمس خطوات طيبة فى اتجاهه وإن تكن بادئة، مع السير الصبور على درب النهوض والتطلع إلى أفق النهضة، اعتمادا على قوانا الوطنية وبمساعدة الشرفاء فى عالمنا العربى والعالم الواسع.
الشرفاء فقط وليس هؤلاء الذين تتنامى إلينا أنباء ضغوطهم وتهديداتهم الاقتصادية لمصر الثورة لمنع محاسبة رموز الفساد والإفساد فى النظام الساقط، لا وفاء إنسانيا لمبارك وعائلته وحاشيته، ولكن لخشيتهم من تقديم مصر لنموذج ناصع يُحتذَى ويؤلب شعوبهم على مفاسدهم هم. وهذه مسألة توجب علينا التفهُّم لبعض ما يواجهه شرفاء المجلس العسكرى والدكتور شرف وينبغى أن يكون ضمن حساباتنا جميعا دون تخلٍ عن بلوغ العدل واسترداد الحقوق والسعى للنهوض.
هل نستطيع؟ نعم نستطيع، شرط أن نبدأ فورا فى وضع أولويات الحق قبل القوة، والوطن قبل الحزب أو الجماعة أو الأيديولوجيا، فهذه كانت روح الثورة بين حشود التحرير، وكل ميادين وشوارع وبيوت الثورة المصرية، ولا ينبغى أن نُفلِت هذه الروح، حتى تعود الجميلة المُحرَّرة إلى بيت أهلها الذين طال افتقادهم لها وفزعهم عليها وافتقادها لهم وشوقها إليهم، كما دورانتين الجميلة فى رواية اسماعيل قدرى.
التفاتات:
● بينما يتصاعد رفض العالم المتقدم لمخاطر المحطات النووية فى أعقاب كارثة فوكوشيما التى يعجز أعتى العلماء عن التنبؤ بتفاقماتها حتى الآن، وبينما يراجع العلماء الدوليون ذوو النزاهة قناعاتهم فى موثوقية أمان هذه المفاعلات، يُصرُّ بعض من فى نفوسهم غرض لدينا على الترويج للكابوس النووى المصرى وتوريط وزارة الدكتور شرف والمجلس العسكرى فى اعتماد مُناقصاته، ويتبجح بعضهم بالقول أن مصر ليست عُرضة لزلازل أو تسونامى كما اليابان، وهى غطرسة علمية يكذبها التاريخ الذى ينبئنا بأن الساحل الشمالى ضربه زلزال مدمر لا تزال آثار الإسكندرية الغارقة دالة عليه، كما أن هناك توقعات علمية باحتمال حدوث تسونامى فى البحر المتوسط فى السنتين القادمتين، ناهيك عن ارتفاع مستوى مياه البحر الذى بات مؤكدا حدوثه مع تقلص مساحة الجليد عند القطب. أما الأكثر هبوطا فى حملة التبجُّح هذه فهو مداخلة أحد العاملين فى مجال العلوم النظرية الذى سوَّق وروج لنفسه بأنه مرشح لجائزة نوبل ولما لم تفلح هذه الترويجة أعلن تبنيه لمشروع النانو تكنولوجى المصرى وهو ليس من اختصاصييه، وأخيرا ظهر على إحدى الشاشات مُقدَّما بلقب مختص فى العلوم الذرية ليقول كلاما عجيبا غريبا حتى إن المذيع أنهى مداخلته لشذوذ مزاعمها فقد تنافخ بأن اليابانيين ارتكبوا أخطاء نووية لا يرتكبها «تلامذته» فى مصر والسعودية! وأن معارضى المحطات النووية هم «لوبى» للطاقات البديلة! هذا العالِم المرشح النوبلى النانوى النووى الذى لم يكن صادقا فى كل ذلك كان صاحب وصية مخجلة تبتَّل فيها للرئيس السابق ورجاه أن يعيد ترشيح نفسه للرئاسة وإن لم يكن فليأت بولده جمال الذى تعهد النوبلى بالوقوف وراءه! ولم يكتف بذلك بل أدان معارضى نظام مبارك حينها بعدوانية وأكاذيب فجة فى فضيحة منشورة فى أهرام أسامة سرايا وعبدالمنعم سعيد مطلع العام الماضى!
● الدكتور يحيى الجمل رجل كبير مرح عندما يتنامى إلينا أن ملف تغيير القيادات الصحفية فى نظام الحكم الساقط بين يديه دون ان يتخذ فيه موقفا حاسما يصير مرحه مثيرا للاكتئاب والرفض.
● جثوم عميد كلية الإعلام على صدر هذه الكلية وهو مكروه ومرفوض لماضيه وحاضره وعدم اللياقة فى أن يقود الإعلام رجل إعلان! إنها أعجوبة ولغز وتأجيج لغضب مشروع لا أظن هذا الشخص يساوى عواقبه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق