http://biladtiba.blogspot.com/

الأحد، 29 مايو 2011

بقلم جلال عامر : واحد عرقسوس


ألا ليت الشباب يعود يوماً بس أكون قابض جمعية، فالشباب هم نصف «الحاضر» فى ميدان التحرير وكل «المستقبل» فى ميدان التغيير.. وأعتذر عن غيابى أمس، فقد أمضيت يوم الجمعة فى ميدان التحرير وكان من الصعب أن أجمع بين الهتاف والكتابة وقد تعودت منذ (١١) فبراير كلما حضرت إلى القاهرة أن أزور قبرى «عبدالناصر» و«السادات»، فقد تخلى «حسنى مبارك» عن سلطاته للجيش وسوف يتخلى عن أمواله للشعب، لكنه لم يحدد من المسؤول بعده عن زيارة قبور الزعماء، فعينت نفسى مؤقتاً حانوتى مصر الجديدة..
وفى ميدان التحرير تجمع حولى بعض المحبين من الشباب ولاحظت أن عددهم أقل من الذين تجمعوا حول بائع العرقسوس وطلبوا منى تحليل موقف سريع فاعتذرت لكنهم هددونى فقلت كما يقول المحللون الاستراتيجيون الذين يظهرون على الشاشة وحول الرقبة وفى الأطراف (إن مصر.. إن مصر) فصرخ فى وجهى شاب يبدو أنه شارب عرقسوس (مالها مصر يا عم خلصنا) فأكملت (إن مصر تعيش الآن «حرب الخنادق» التى تتصف بالبطء والملل والرتابة وأكبر مثال على حرب الخنادق قبل ثورة مصر هو الحرب العالمية الأولى التى مات آخر جنودها الحقيقيين «باكلز» منذ شهور أثناء الثورة،
ومات أول جنودها الروائيين «موللر» فى رواية «كل شىء هادئ فى الميدان الغربى»، والذى قال إن البقاء فى الخنادق يجعل زراً لامعاً فى البدلة أكثر قيمة من مجلدات الفلسفة، وأن المهم ليس العقل بل طلاء الحذاء، وليست الحرية بل الطاعة، فلا أحد يريد أن يغادر خندقه، فالبعض عينه على مصر والبعض عينه على البرلمان والمظاهرات فى الخنادق والمؤتمرات فى الفنادق والسلطة فى البنادق والعرقسوس فى الدوارق وحتى الأعداء فى الحرب العالمية الأولى كانوا فى المناسبات يخرجون من الخنادق ويتبادلون التهانى، لكننا مصرون على البقاء فى الخنادق وتبادل الاتهامات)..
ولعنت أمامهم خنادق التخوين والتكفير، فليس صحيحاً أن كل من يطيل ذقنه لا يستطيع أن يرسم على خده علم مصر وليس صحيحاً أن كل من يطلب الدولة المدنية «أبولهب» وقلت إننا فى انتظار واحد يلم الشمل، واحد يعيد الانضباط، واحد حاسم، واحد حازم، فقال لى أحدهم: «إذا لم يكن ما تريد فأرد ما يكون»، ثم أشار على بائع العرقسوس وقال: «المتوفر الآن.. واحد عرقسوس».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق