http://biladtiba.blogspot.com/

الأحد، 29 مايو 2011

بقلم بلال فضل : شرم تناديكم


تلقيت هذه الرسالة المهمة من الأستاذ محمد وفيق فريد صالح، التى وجهها إلى الدكتور عصام شرف، رئيس مجلس الوزراء، على أمل أن تجد منه الاهتمام الذى يتمنى ترجمته الفورية فى اتخاذ قرارات تثبت أن حكومته حريصة على عودة السياحة التى يُتهم الثوار عمال على بطال بتعطيلها وضربها فى مقتل، مع أن الذين يتحملون مسؤولية تعطيلها فى مكان مهم مثل شرم الشيخ وحرمان البلاد من ملايين الدولارات هم الذين أخروا تطبيق العدالة على مبارك، واقرأ هذه الرسالة لتكتشف بنفسك:
أنا مواطن مصرى أكتب إليكم رسالتى من شرم الشيخ التى يفترض أنها درة السياحة المصرية، أنا واحد من أكثر من ٥٠٠٠ شاب مصرى جاءوا إلى هنا سعياً للرزق الحلال كمستثمرين «صغار» دون أى دعم أو مساندة أو تخصيص أو إعفاء أو أى شىء، دعموا الحركة السياحية وأقاموا ما يزيد على ٦٠٠٠ محل تجارى وخدمى (صغير ومتوسط) لأنشطة مختلفة يعمل بها ما يزيد على ٢٠.٠٠٠ موظف وعامل (يعنى ٢٠.٠٠٠ أسرة) معظمها مطاعم وكافيهات وسوبر ماركت ومستلزمات فنادق وغوص وبازارات وخدمات نقل وسياحة، وكما كل المدن السياحية العالمية، فأنشطة تلك المحال الصغيرة هى عصب وحجر الزاوية للحركة التجارية والسياحية.
تعرضنا لفترات كساد قوية وقاسية فى الماضى جراء أحداث سياسية، وسحابة أوروبا البركانية، وهجوم أسماك القرش وغيرها، وتحملنا تبعة وتكاليف التشغيل فى كل تلك الفترات، دون أن يتحمل ملاك هذه المولات والمراكز التجارية والمحال أى عبء، فكانوا لا يعترفون بأى أزمة ويتقاضون منا الإيجارات كاملة (علماً بأن تلك الإيجارات تتراوح بين ١٥.٠٠٠ جنيه مصرى و٤٠.٠٠٠ جنيه مصرى إيجار الشهر الواحد)، ويضيفون نسب زيادة مبالغاً فيها وصلت للضعف والضعفين خلال السنتين الماضيتين. مع العلم بأنهم قد حصلوا على تلك الملكية للأراضى والمنتجعات والمراكز التجارية بأسعار تتراوح بين دولار واحد و١٠ دولارات للمتر، واستفادوا بكل الدعم والمساندة والإعفاء من فاسدى النظام القديم.
ساعد بقوة على حدوث ذلك الكساد الذى عانت منه شرم غياب الرؤية والتخطيط والمتابعة والمساءلة من كل أجهزة وزارة السياحة لكل ما يدور بحجة أن شرم الشيخ لها وضع أمنى وسياسى خاص، فكان مَن بيده زمام الأمور والقائم على تخطيط وتنمية وتسويق واستثمار تلك المدينة نوعين: نوع بيفهم ولكن لا يتخذ القرار الصحيح لاستفادته الشخصية من الوضع الخاطئ، ونوع ما بيفهمش ولا تحركه إلا الأوامر المباشرة من جهات الفساد السيادية التى عينته بذلك المنصب. النتيجة كانت احتكار شركتين أو ثلاث سياحية لشرم الشيخ وبيع البرامج السياحية بها بأبخس الأثمان (زى موضوع الغاز بالظبط)، فكان التنافس على النزول بالأسعار والنزول بمستوى الخدمات والنزول بجودة المنتجات والنزول بالقفا على قفا المصريين البسطاء الذين يعملون بالبلد إذا لم يتوفر معهم تصريح أمنى بالوجود فى بلد الريس».
وفى ٢٥ يناير، قامت ثورتنا العظيمة التى شاركنا فيها جميعاً، من أجل غد أفضل لنا ولأبنائنا ولمصرنا ولشرمنا، وكنا نتفهم أن المشاركة يجب ألا تنتهى فى الميدان، وأنه من الواجب علينا الاستمرار فى تحمل فاتورة الحرية والتطهير بدورنا فى تحمل ذلك الكساد والشلل شبه الكامل للحركة السياحية بشرم الشيخ، فاستمررنا فى فتح تلك المحال والأنشطة والخدمات، وتحملنا وحدنا كل نفقات التشغيل والرواتب للعاملين وفواتير الكهرباء والمياه وإيجارات السكن وغيرها من الأعباء على أمل أن يتحسن الحال، واستمررنا فى تلك المعاناة طيلة الأربعة أشهر الماضية وأعيننا على التحسن الملحوظ بالغردقة من أعداد السائحين ونسب الإشغال، ولكن دون جدوى، فبدأ البعض منا فى السقوط وأغلقوا محالهم وخسروا هم والعاملون لديهم كل مصادر دخلهم، بعد أن خسروا استثماراتهم من تحويشة العمر أو الديون، دون أى دعم أو مساندة أو تخصيص أو إعفاء أو أى شىء.
للأسف... فهمنا فيما بعد أن هناك فرقاً جوهرياً بين شرم الشيخ والغردقة، ليس فى نسب الفساد على الأرض أو روعة مشاهد الشعاب المرجانية فى البحر، ولكن الفرق أن الغردقة لا تعرف إعلامياً أو سياحياً ببلد الريس، أو بلد الريس المخلوع، إن واجهة الغردقة الإعلامية ليست أفراد الأمن المركزى أمام مستشفى يرقد (أو يقف، أو يتمشى) فيه الرئيس السابق، ومحركات البحث على فضاء الإنترنت أثبتت أن السائح عندما يكتب كلمة (الغردقة) تأتى النتائج بصورة
(سمكة ملونة تتلوى بكل جمال بين الشعاب المرجانية الرائعة) وعندما يكتب كلمة (شرم الشيخ) تظهر له صور من نوع آخر (صورة دبابة، صورة الرئيس المقلوع، صورة مستشفى الرئيس المخلوع، صورة متظاهرين شرفاء وبلطجية جبناء)، وأى صورة غير ما يبحث عنه السائح وما يخاف منه على أمنه وسلامته.
د. عصام شرف المحترم، تمنيت لو لم أطل عليك فى رسالتى، فكلنا يعلم ما تتحمله وتبذله من جهود مخلصة حتى نعبر تلك المرحلة الصعبة من تاريخ البلاد، ولكنى لم أستطع التعبير بغير تلك الإطالة، لتوضيح حجم الكارثة التى تعانيها شرم الشيخ، ويعانيها الآلاف ممن صمدوا باستثماراتهم الصغيرة هنا، خصوصاً بعد أن فوجئنا بأن هؤلاء المُلاك يتخلون عن أبسط مسؤولياتهم تجاهنا بعد كل ما حققوه من مكاسب، ويطالبوننا بدفع الإيجارات لهذه المحال فى تلك الفترة، مع ما نتحمله من تكاليف التشغيل والإقامة ورواتب العاملين فى وقت يكاد ينعدم فيه كل مصدر للدخل مع تدنى نسب الإشغال وندرة السائحين ووقف الحال الذى قبلنا بأن نتحمله نحن دون أى دعم أو مساندة أو إعفاء من أى نوع.
رؤيتنا لإنقاذ هذه المدينة الغالية ووقف الخسائر وإحقاق العدالة ودعم التنمية يتمثل فى الآتى:
- تدخل المحافظة ووزارة السياحة لحماية مستأجرى المحال بمختلف نشاطاتها من تعنت وتهديد المُلاك، ووقف مطالبتهم بإيجارات المحال عن فترة الكساد الطاحنة التى نعانيها جميعا الآن، حتى يتغير الموقف ونسب الإشغال الرسمية، وكذلك مراجعة عقود الإيجار الظالمة والقيم الإيجارية المبالغ فيها، وتعيين مسؤول بمجلس المدينة للمتابعة والفصل فى ملف المستأجرين والمُلاك، بما يضمن العدالة والحقوق وحماية النشاط التجارى بالمدينة.
- رقابة ومراجعة جميع عقود تملك وتخصيص الأراضى بأبخس الأثمان لقلة قليلة من رجال الأعمال الفاسدين الذين احتكروا كل شىء، واستفادوا من النظام السابق مئات الملايين (فى فارق أسعار الأراضى) ومئات الملايين (فيما حصلوه من إيجارات وإعادة بيع) ومع ذلك يواصلون الضغط والتهديد على صغار المستثمرين.
- تعيين وزارة السياحة مسؤولاً لديه ما يكفى من المهارة والخبرة لإدارة هذه المدينة السياحية العالمية وتسويقها، وتنظيم وتنمية النشاط السياحى والتجارى بها، ومراقبة الأسعار وجودة الخدمات والمنتجات وتنمية العامل البشرى وتدريبه وتأهيله «و.... حاجات تانية كتير» ستحدث نقلة نوعية فى اسم وقيمة وعائدات السياحة لشرم الشيخ. ويكون شرط التعيين لهذا المسؤول «التخصص»، فيكون رمزاً من رموز الخبرة فى مجال السياحة وليس لواء شرطة أو جيش سابقاً، أو قيادياً بأحد الأحزاب السياسية، مع احترامنا لهم جميعاً.
- نقل الرئيس السابق بكل سرعة خارج شرم الشيخ، والإعلان عن ذلك فى كل وسائل الإعلام العالمية والنشرات السياحية، والعمل على استعادة شرم الشيخ إلى خريطة السياحة العالمية المميزة، واستبعادها من الصدارة على الخريطة السياسية والأمنية ونشرات «التحذير من السفر».
مع خالص تحياتى ودعواتى لكم بالتوفيق.
المواطن المصرى محمد وفيق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق